2

مقال للتدبر

عندما كنت أعيش في (أمريكا – نيويورك) أتاني خطاب بأني ارتكبت مخالفة مرور حيث قطعت الإشارة الحمراء بالشارع الفلاني، في الساعة الفلانية، في اليوم الفلاني، .. ويسألونك في الخطاب كم سؤال، وهل تقر بهذه المخالفة أم لا وهل عندك أي اعتراض؟ .. وكانت قيمة المخالفة حوالي 150 دولار ..!!

ولأني لا أذكر إن كنت قد قطعت الإشارة أم لا ولا أعرف أسماء الشوارع بالضبط في الولاية, رديت عليهم: نعم عندي أعتراض .. فأنا غير متيقن أني سرت فى هذا الطريق ولا قطعت هذه الإشارة ..

بعدها بأسبوع وصلني خطاب، وبه ثلاث صور لسيارتي .. واحدة قبل قطع الإشارة وهي حمراء والثانية وأنا في منتصف الإشارة وهي حمراء، والثالثة بعد ماعديت الإشارة بمتر واحد، وهي حمراء أيضا ..!!
يعنى متلبس لا مفر .. الصور هي الدليل القاطع ..!! .. دفعت ال 150 دولار بعد إقراري بالمخالفة وسكت.

وفي يوم ما بعد هذه الحادثة وأنا أقرأ في “سورة الجاثية” تذكرت هذه الحادثة والمخالفة عندما وصلت إلى قوله تعالى :
“هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنَّا كنّا نستنسخ ما كُنتُم تعملون ” ..!!
أي أن الله سبحانه وتعالى لديه نسخ مما فعل البشر في الحياة الدنيا !! هذا المقطع من الآية (إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ) !! أصابني بالذهول والقشعريرة والخوف من الله !!
يا إلهي .. هذه آلة تصوير من صنع الناس .. ولا تستطيع أن تهرب أو تفر منها ..!!

فما بالك بتصوير وتسجيل و استنساخ لأعمالنا من رب الناس ..!! أين المفر ..؟؟

هذا الإستنساخ لأعمالنا في كتاب لا يضل ولا ينسى، ويُحفظ فى مكان مأمون، لا يتلف بفعل عوامل المناخ من أعاصير أو رياح او أمطار، ولا يُسرق ولا يُقرصن ..!!

يا إلهي .. كل المعاصي مستنسخة :
بتواريخها ..
بوقائعها ..
بأشخاصها
بمكانها ..
بزمانها ..
بألوانها ..
بأهدافها
بملابستها ..
بخلفياتها ..
ببواعثها
كلها مسجلة .. بالصوت والصورة ..
وبالنوايا كذلك فهو سبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، أي يعلم ما لا تستطيع كاميرات البشر تسجيله ..!! وسوف تعرض على الإنسان يوم القيامة ..!!

{ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا

اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي…ورحمتك أرجى عندي من عملي