2

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين .

أخي المسلم : حرصا مني على تعميم الفائدة ، و دفاعا عن سنة نبينا صلى الله عليه وسلم ، فهذا بحث يحتوي على جملة من الفوائد و الأحكام عن شهر صفر :

شهر صفر هو أحد الشهور الإثنى عشر الهجرية وهو الشهر الذي بعد المحرم قال بعضهم : سمِّي بذلك لإصفار مكَّة من أهلها ( أي خلّوها من أهلها ) إذا سافروا فيه ، وقيل : سَمَّوا الشهر صفراً لأنهم كانوا يغزون فيه القبائل فيتركون من لقوا صِفْراً من المتاع ( أي يسلبونه متاعه فيصبح لا متاع له ) . المرجع : كتاب لسان العرب لابن منظور ج/4 ص/462-463 .

وسيتناول هذا البحث عن شهر صفر النقاط التالية : أولا : ما ورد فيه عند العرب الجاهليين ثانيا : ما ورد في الشرع مما يخالف أهل الجاهلية ثالثا : ما يوجد في هذا الشهر من البدع والاعتقادات الفاسدة عند بعض الناس رابعا : ما حدث في هذا الشهر من غزوات وأحداث مهمة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم خامسا : ما ورد من أحاديث مكذوبة عن شهر صفر

أولاً : ما ورد فيه عند العرب الجاهليين :
كان للعرب في شهر صفر منكران عظيمان : الأول : التلاعب فيه تقديما وتأخيرا الثاني : التشاؤم منه

1) من المعلوم أن الله تعالى خلق السنة وعدة شهورها اثنا عشر شهراً ، وقد جعل الله تعالى منها أربعةً حرم ، حرَّم فيها القتال تعظيماً لشأنها ، وهذه الأشهر هي : ذو القعدة ، ذو الحجة ، محرم ، ورجب

ومصداق ذلك في كتاب الله قوله تعالى : (( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم )) التوبة / 36

وقد علم المشركون ذلك ، لكنهم كانوا يؤخرون فيها ويقدمون على هواهم ، ومن ذلك : أنهم جعلوا شهر صفر بدلاً من المحرَّم ! وكانوا يعتقدون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور ، وهذه طائفة من أقوال أهل العلم في ذلك :

1 – عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ، ويجعلون المحرَّم صفراً ، ويقولون : إذا برأ الدَّبر ، وعفا الأثر ، وانسلخ صفر : حلَّت العمرة لمن اعتمر . رواه البخاري حديث رقم 1489 ومسلم حديث رقم 1240

2 – قال ابن العربي المسألة الثانية : كيفية النسيء : ثلاثة أقوال :
الأول :
عن ابن عباس رضي الله عنه أن جنادة بن عوف بن أمية الكناني كان يوافي الموسم كل عام ، فينادي : ألا إن أبا ثمامة لا يعاب ولا يجاب ، ألا وإن صفراً العام الأول حلال ، فنحرمه عاما ، ونحله عاما ، وكانوا مع هوازن وغطفان وبني سليم . وفي لفظة : أنه كان يقول : إنا قدمنا المحرم وأخرنا صفراً ، ثم يأتي العام الثاني فيقول : إنا حرمنا صفرا وأخرنا المحرم ؛ فهو هذا التأخير .

الثاني : الزيادة : قال قتادة : عمد قوم من أهل الضلالة فزادوا صفرا في الأشهر الحرم ، فكان يقوم قائمهم في الموسم فيقول : ألا إن آلهتكم قد حرمت العام المحرم ، فيحرمونه ذلك العام ، ثم يقوم في العام المقبل فيقول : ألا إن آلهتكم قد حرمت صفرا فيحرمونه ذلك العام ، ويقولون : الصفران . وروى ابن وهب ، وابن القاسم عن مالك نحوه قال : كان أهل الجاهلية يجعلونه صفرين ، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا صفر )) ، وكذلك روى أشهب عنه .